هل تغيرت إسرائيل أم تغير شيخ الأزهر أم تغير القرآن؟

إبراهيم عيسي يكتب:
عام 1966 كتب الشيخ طنطاوي: مفاهيم اليهود الباطلة وأنانيتهم الطاغية وأخلاقهم الفاسدة وعصبيتهم الذميمة وقلوبهم القاسية كل ذلك جعلهم محل نقمة العالم هذه السطور ليست معنية بشيخ الأزهر علي الإطلاق، وليس من أهدافي أن أناقش الشيخ محمد سيد طنطاوي ولا أن يقرأ أصلاً ولا أن ي
عرف أبداً بهذه السطور، فلا أظن أن هناك فائدة من أي نوع وعلي أي قدر وبأي درجة من مناقشة الشيخ طنطاوي ولا البحث عن أي حوار في أي موضوع معه، والشيء الفالح الوحيد الذي يمكن أن نفعله جميعاً مع الشيخ طنطاوي ألا نفعل معه شيئاً ولا نوجه له حديثاً، ومن شاء ألا يسمع له حديثاً فهو حر، شيخ الأزهر محل رضا السيد الرئيس تمام الرضا وهو ما يهم الشيخ فما دخلنا نحن فيما لا يعنينا، ومن ثم فإن أي معارضة للشيخ أو مناقشة أو نقد أو مؤاخذة أو تساؤل أو تحاور معه حول مشاركته للرئيس والوفد الإسرائيلي في مؤتمر قضاة الأديان الذي انعقد في أذربيجان الدولة المسلمة التي تطبع مع إسرائيل وتفتح قواعد عسكرية للقوات الأمريكية وهي كذلك واحدة من ديكتاتوريات الجمهوريات السوفيتية السابقة لا فائدة منه،
دعوا الشيخ طنطاوي يفعل ما يريد فهو لا يفعل إلا بعد أن يفكر ويتدبر ويسأل أجهزة الدولة وقصر الرئاسة فلما تأتيه الموافقة فلا حائل بينه وبين أن يفعل حتي لو وقف مليون مسلم أمامه يمنعونه عن الفعل ولو هتف فيه الملايين ألا يفعل فرجل واحد فقط يمكنه أن يؤثر في الشيخ وهو الرئيس، ومادام الأمر كذلك فلماذا لا نحفظ للأزهر وقاره (لا أقول كهنوته) ونسكت عن الشيخ وتصرفاته؟!

هذه السطور لا تشغل نفسها بالشيخ طنطاوي.

أنا هنا فقط لأقول لكم ترفقوا بالشيخ طنطاوي؛ فالرجل الذي يصافح الرئيس الإسرائيلي ويجالسه ويضع مؤس
سة الأزهر (وهي ليست محل قداسة بالقطع وحاشا لله لكنها محل للتوقير والتقدير) في واجهة الدعاية الصهيونية الإسرائيلية عن سلام تل أبيب ورغبة حكامها في السلام والتعايش مع المسلمين والعرب وهذا كله تضليل وتزييف وغسيل للدماغ وجزء من الآلة الدعائية للصهيونية يجد الأزهر فيها نفسه في مقدمة الاستخدام والاستغلال عبر مشاركات الشيخ التي تبدو أنها لا تخضع لأي لائمة من الدولة فكأنها هي الدولة ولسان حالها: وفيها إيه يعني، وهيه الدنيا خربت، وماله ياخويا لما سلّم خلاص يعني فلسطين راحت عشان سلّم، وهو قعد معاه علي منصة ويقعد مع أي حد فيها إيه ما الرئيس مبارك بيقعد معاه! ومثل هذه الحجج البليدة الخائبة التي أرجوك لا تضيع في مناقشتها وقتك فهذا ليس مهما، المهم هو أن الشيخ محمد سيد طنطاوي نفسه عام 1966 حصل علي الدكتوراه من جامعة الأزهر في الحديث والتفسير بتقدير ممتاز وكان عنوان رسالته: (بنو إسرائيل في القرآن والسنة)، وقال الرجل نفسه الذي صافح بيريز وشاركه منصة المؤتمر الأخير في رسالته: (والقرآن الكريم في حديثه عن بني إسرائيل، يربط ربطاً محكماً بين طباع وأخلاق المعاصرين منهم للنبي صلي الله عليه وآله وسلم وطباع وأخلاق آبائهم الأولين الذين عاصروا موسي وعيسي وغيرهما من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك ليبين أن ما عليه الأبناء من فسوق وعصيان ومحاربة لدعوة الإسلام، إنما هو ميراث من الخلق السيئ توارثه الخلف عن السلف وأخذه الأبناء عن الآباء. ومن الأدلة علي صدق القرآن الكريم أن ما وصفهم به من صفات نراها في كل زمان ومكان منطبقة عليهم، ولم تزدهم الأيام إلا رسوخاً فيها).

الشيخ عام 1966حيث كان يحكمنا جمال عبدالناصر العروبي المعادي لإسرائيل كتب يقول في رسالته التي أراد بها الحصول علي درجة الدكتوراه فحصل: (ونحن المسلمين قد نالنا من اليهود أذي كثير.. فهم الذين حاربوا الدعوة الإسلامية بكل سلاح.. وهم الذين اغتصبوا بمعاونة دول الكفر قطعة من أرضنا المقدسة وهي فلسطين وأقاموا عليها دولة لهم في عام 1948م).

لكن لماذا اختار الشيخ طنطاوي وقتها وعمره ثمانية وثلاثون عاما اليهود موضوعاً للدراسة وللرسالة، هو يرد في مقدمة رسالته: (ولقد كان مقصدي الأول عندما اخترت موضوع رسالتي «بنو إسرائيل في القرآن والسنة» أن أكشف للشباب المسلم بصفة خاصة، وللعقلاء والمنصفين بصفة عامة عن أحوال بني إسرائيل، وتاريخهم، وأخلاقهم، وأكاذيبهم، وقبائحهم.. معتمداً في بيان ذلك كله علي ما جاء عنهم في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية المطهرة، وفي التاريخ الصحيح).

كان رأي الشيخ طنطاوي وقتها أن بني إسرائيل كذابون ويمتلئون بالقبح، ماشي وإيه كمان، يقول الرجل في رسالته التي تجاوزت السبعمائة صفحة في طبعتها الصادرة عن دار الشروق: (والشيء الذي نؤكده بعد سرد طرف من العقوبات التي نزلت باليهود في مختلف العصور والأمم، هو أن اليهود هم المسئولون عن كل اضطهاد وقع بهم، وأنهم مستحقون لهذه العقوبات لأسباب من أهمها:

أنانيتهم وأطماعهم التي لا حدود لها، فقد سوغت لهم أنانيتهم أن العالم ملك لهم بكل من فيه وما فيه، وأن عليهم متي حلوا في أي دولة أن ينهبوا خيراتها بكل وسيلة، وأن يجمعوا أموالها بأي طريقة، فإن المال هو معبود اليهود من قديم. ويقول «كارل ماركس» اليهودي والشيوعي الأول: «المال هو إله إسرائيل المطماع، وأمامه لا ينبغي لأي إله أن يعيش، لأن المال يخفض جميع آلهة البشر ويحولها إلي سلعة، المال هو القيمة العامة والمكونة في ذاتها لجميع الأشياء، لقد أصبح إله اليهود إلهاً دنيوياً، هذا هو الإله الحقيقي لليهود»).

تأمل شيخنا الفاضل في منتصف الستينيات يكتب عن اليهود: (لم يقل الصهاينة بل كان واضحاً جداً في «اتهامه اليهود من القرآن الكريم والسنة») بأنهم علي هذا القدر من الدناءة والأنانية والطمع بل يستشهد ويستعين مع القرآن والسنة لمزيد من التأكيد والتوثيق، بآراء كارل ماركس شخصياً الذي يصفه باليهودي والشيوعي الأول، إلي هذه الدرجة من الحماسة بلغ الشيخ طنطاوي منذ ثلاثة وأربعين عاماً في الهجوم علي اليهود، بل طبقاً لما كتبه الرجل فيمكن أن يتهمه اليهود بمعاداة السامية بل سيكون منطقياً جداً لو سمعنا من يصف ويوصف هذا الكلام المنشور في رسالة الدكتور طنطاوي بالعنصرية، بل لا أكاد أعقل هذه الاتهامات التي تنزع عن جنس بشري ودين إلهي أي قيمة طيبة بل تصفه بكل ما هو منحط، مما يجعل الواحد فينا المعادي لإسرائيل يطالب بأن يخفف الشيخ طنطاوي من غلواء الاتهامات التي تبدو فعلاً وهي تتلامس أو تتلاصق بقوة مع دعاوي العنصرية وكأننا قد أصبنا بعدوي أعدائنا، ومع ذلك فإن الشيخ طنطاوي يمضي في رسالته كأنما حماسه صنو إيمانه فيكتب نصاً: (وأنانية اليهود وجشعهم وأكلهم أموال الناس بالباطل، جعلهم محل نقمة العالم وغضبه، ولقد فطن بعض الزعماء العقلاء إلي خطر تغلغل اليهود في بلاده، فأخذ يطردهم منها، ويحذر أبناء أمته من شرورهم، ومن هؤلاء الزعماء العقلاء «بنيامين فرانكلين» ـ أحد رؤساء الولايات المتحدة ـ فإنه ألقي خطاباً قال فيه: هناك خطر عظيم يهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك الخطر هو «اليهود» أيها السادة، إني أحذركم أيها السادة إذا لم تستثنوا اليهود من الهجرة إلي الأبد فسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم.. إن عقليتهم تختلف عنا حتي لو عاشوا بيننا عشرة أجيال، والنمر لا يستطيع تغيير لونه.. اليهود خطر علي هذه البلاد، وإذا دخولها فسوف يخربونها ويفسدونها).

ويضيف الشيخ طنطاوي: (للتعليق علي هذا الخطاب نقول: ما أصدق ما توقعه «فرانكلين» لولا أنه قد أخطأ التقدير في المدة اللازمة لتحويل أمريكا إلي بقرة حلوب لليهود، فقد قدر «فرانكلين» هذه المدة بمائتي سنة، بينما استطاع اليهود أن يسخروا سياسة أمريكا وأسلحتها، وأموالها، وعلمها ونفوذها وخيراتها، لخدمتهم الخاصة في مدة تقل عما توقعه بأكثر من خمسين سنة).

الشيخ طنطاوي الذي يصافح رئيس إسرائيل ويحاوره في مؤتمر الأديان ويجلس في منصته معه في مؤتمر لقضاة الأديان قال عن اليهود (لا الصهاينة) في رسالته للدكتوراه إن من أسباب كراهية العالم لليهود (غرورهم وتعاليهم؛ فاليهود يعتبرون أنفسهم أبناء الله وأحباءه، وشعبه المختار، ومن قديم الزمن وهم يقسمون العالم إلي قسمين متقابلين: قسم إسرائيل وهم: صفوة الخلق، وأصحاب الحظوة عند الله، وقسم آخر يسمونه: الأمم أو «الجوييم» أي: غير اليهود، ومعني «جوييم» عندهم: وثنيون وكفرة وبهائم وأنجاس. وقد أدي هذا الغرور والتعالي باليهود إلي إهدار كل حق لغيرهم عليهم).

واسمعوا الشيخ طنطاوي وصدقوه أو لا تصدقوه فلكم كل الحق في التردد والحيرة، فالشيخ الذي يصافح ويجلس مع اليهود الآن قال عنهم إنهم اشتهروا بـ (عزلتهم وعصبيتهم وخيانتهم للبلاد التي آوتهم، فهم متعصبون متحزبون، لا يجمعهم حب بعضهم لبعض، لكن تجمعهم كراهية من ليس علي ملتهم، كما يجمعهم الحقد علي العالم بأسره، وقد أصبحت العزلة والعصبية والعنصرية طابع اليهود الذي لا محيد لهم عنه. لأن اليهودي يهودي قبل كل شيء، مهما تكن جنسيته، ومهما يعتنق من عقائد، ومبادئ في الظاهر، وإذا تعارضت جنسيته مع يهوديته ناصر يهوديته، وحاول أن يشيع الخراب والدمار في الأمة التي هو فرد من أفرادها، خصوصاً إذا أمن العقاب، والصهيونية العالمية تأمر اليهود في كل مكان بأن يجعلوا ولاءهم لإسرائيل، وليس للدول التي يعيشون فيها).

الشيخ طنطاوي بعد كل هذا الذي كتبه من هجوم ساحق وإدانة دينية وحملة إسلامية ضد اليهود لا أقول كيف جلس مع الرئيس الإسرائيلي بل كيف وافق الرئيس الإسرائيلي علي أن يجلس معه رغم أن عشرة في المائة مما قاله وكتبه أكبر عمامة في المذهب السني في العالم الإسلامي وهو شيخ الأزهر كفيل بأن يطلب اليهود محاكمته دولياً والتحريض ضده باعتبار ما كتبه عنصرية خالصة، بل إن الشيخ طنطاوي كتب مدافعاً عن هتلر النازي العنصري السفاح في مواجهة اليهود بل وعرض متعاطفاً لتبريراته لما فعله مع اليهود من حرق وتقتيل وإفناء فقال الشيخ في رسالته: (وقد عدد «هتلر» خيانات اليهود لألمانيا، فذكر منها استنزاف أموال الشعب بالربا الفادح، وإفساد التعليم، والسيطرة لصالحهم علي المصارف والبورصة والشركات التجارية، والسيطرة علي دور النشر، والتدخل في سياسة الدولة لغير مصلحة ألمانيا، وفي القمة من خياناتهم: التجسس ضد ألمانيا الذي احترفه عدد كبير منهم. ويختتم هتلر حديثه الطويل عن اليهود بقوله: «وإذا قيض لليهودي أن يتغلب علي شعوب هذا العالم، فسيكون تاجه إكليل جنازة البشرية، لهذا أعتقد أني تصرفت معهم حسبما شاء الخالق لأني بدفاعي عن نفسي ضد اليهودي إنما أناضل في سبيل الدفاع عن عمل الخالق)، والحقيقة أن ما قاله الشيخ طنطاوي ـ مسنوداً ومستنداً إلي فهمه للقرآن والسنة ـ لا يختلف كثيراً عما ردده وقاله هتلر شخصياً.

ويمضي الشيخ طنطاوي: (والحق: أن مفاهيم اليهود الباطلة، وأنانيتهم الطاغية، وطباعهم اللئيمة وأخلاقهم الفاسدة، وعصبيتهم الذميمة، وقلوبهم القاسية، واستباحتهم لقتل غيرهم، وإهدار كرامته، كل ذلك جعلهم محل نقمة العالم وغضبه، وبسبب هذه الخلاق المرذولة سلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب إلي يوم القيامة، ومن يمزقهم شر ممزق).

لكن الأهم والأخطر من هذا كله هو ما يطرحه الدكتور سيد طنطاوي في إجابة عن سؤال يوجهه هو لنفسه ولمشرف رسالته وهو: كيف نعيد فلسطين إسلامية عربية؟ تعالوا بقي نتأمل ما الذي نصح به أمته الشيخ طنطاوي وهو العالم المتدبر المتفكر يقول:

(1- يجب علينا أن نعلم أن حرباً فاصلة ستقع بين المسلمين واليهود، وأن النصر فيها سيكون للمسلمين، ماداموا معتصمين بدينهم، ومنفذين لتعاليم قرآنهم، وعاملين بسنة نبيهم، فقد أخرج البخاري ومسلم، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» قال: «تقاتلون اليهود حتي يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول: يا عبدالله هذا يهودي ورائي فاقتله».

وفي حديث آخر للشيخين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله «صلي الله عليه وآله وسلم» قال: «لا تقوم الساعة حتي يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتي يختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود».

فهذان الحديثان الصحيحان فيهما إخبار للمسلمين بأن قتالاً عظيماً سيقع بين المسلمين واليهود قبل قيام الساعة، وأن النصر سيكون للمسلمين، متي استجابوا للأوامر، التي أمرهم الله بها، وأن الله تعالي سيكرمهم بأن يخبر الحجر أو الشجر المسلم بأن يهودياً وراءهما فعليه أن يقتله.

السؤال الآن: هل أخبر الشيخ طنطاوي رأيه هذا للرئيس شيمون بيريز وهما يتحاوران في الأديان؟ أو في الدينين الاسلامي واليهودي دعك من هذا وتعال نكمل ما قاله طنطاوي من نصائح لاسترداد فلسطين المحتلة مع الاعتبار بأنه لم يعمل بها:

2- يجب علينا أن نوقن بأن الأيام دول، وأن ما أصابنا بفلسطين من الممكن تداركه، متي تحلينا بالإيمان الصادق، والعزم القوي، والتصميم علي استعادة أرضنا المقدسة، وباتخاذ الوسائل الكفيلة بذلك.

3- يجب علي الأمتين: الإسلامية والعربية أن توحدا قيادة المعركة وأن تسلماها لأيد أمينة مخلصة، وأن تحوطاها بالتأييد إذا أحسنت واستقامت، وبالتوجيه والإصلاح والتقويم إذا أخطأت وضلت، وأن تنأي بها عن الخلافات والمنازعات التي قد تحدث بين الزعماء والملوك والرؤساء.. أريد أن أقول: (حتي لا تنسي فالشيخ طنطاوي هو الذي يقول): إن إنقاذ فلسطين من السرطان الصهيوني، يحتاج إلي جيش موحد القيادة، محدد الهدف، معد إعداداً كاملاً قوياً من جميع النواحي، مؤمناً بقدسية المعركة التي يخوضها، بعيداً عن التأثر بخلافات السياسيين، الذين بيدهم مقاليد الحكم في البلاد العربية.

4- يجب أن تبذل الأمتان: العربية والإسلامية قصاري جهدهما في التذكير بقضية فلسطين، وأن تقوم وسائل الإعلام المختلفة في كل دولة بالدعاية الواسعة لها، وأن يدرس تاريخها في المدارس والمعاهد والجامعات، وأن توزع خريطتها وصور أماكنها المقدسة في كل مكان، وبذلك تبقي نكبة فلسطين حية في القلوب والمشاعر.

إن هذا الجيل الذي عاصر مأساة فلسطين سوف ينقرض، وستأتي بعده أجيال أخري إذا لم نذكرها بهذه المأساة، ونربطها بقلوبهم دينياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً، فإنها ستصبح نسياً منسياً، ولن يمر وقت طويل حتي تختفي مأساة فلسطين من قلوبهم، كما اختفت مأساة الأندلس بمرور الأيام، وتعاقب السنين.

5- يجب أن تقف الأمتان: العربية والإسلامية من الدول التي ناصرت الصهيونية موقفاً قوياً حاسماً، وأن تستعملا أسلحتهما المتنوعة في صرف هذه الدول عن مناصرتها الباطلة لليهود، ومن أقوي الأسلحة سلاح البترول الذي يوجد في بلادنا بكميات هائلة، الذي لو أحسنَّا استغلاله واستعماله، لكفت دول الكفر عن تأييدها الصهيونية الباغية، ولن يأتي هذا السلاح وغيره بالثمار المرجوة منه، إلا إذا وحد العرب كلمتهم، ووقفوا صفاً واحداً أمام مؤامرات الاستعمار واليهودية العالمية.

6- يجب أن تعمل الدول العربية والإسلامية علي تقوية الفدائيين الفلسطينيين من كل النواحي، وأن تختارهم من العناصر المأمونة والمؤمنة بربها وبدينها وبوطنها.. وأن تعطيهم من الإمكانات ما يجعلهم يستطيعون أن يزلزلوا به كيان الصهيونيين، عن طريق حرب العصابات، لأن هذه الحرب من شأنها أن تهدد أمن إسرائيل واستقرارها واقتصادها، وجميع مرافقها. وتكون هذه الحرب كمقدمة للمعركة الفاصلة التي يجب علي الأمة الإسلامية أن تخوضها ضد إسرائيل حتي تطهر الأرض المقدسة من اليهود. ولقد اتبعت عدة دول طريقة حرب العصابات ضد المستعمرين فانتصرت عليهم في النهاية، واستطاعت أن تنال حريتها رغم أنوفهم، (الله يا شيخ طنطاوي هكذا تورد الإبل يا مولانا، لكن هذا كلامك أيام جمال عبدالناصر وقد راحت أيامه، فهل نذكرك بكلامك عن حرب العصابات في 2006 وعن حماس والفدائيين الفلسطينيين الآن؟).

7- يجب أن نخوض معركة فلسطين المقبلة علي أساس من الجهاد الديني، وليس علي أساس النعرة الوطنية وحدها، وذلك لأن فلسطين بلد إسلامي مقدس كما قلنا سابقاً، وهي ملك لجميع المسلمين، وواجب الذود عنها فرض علي كل مسلم علي وجه الأرض.

واليهود قد استغلوا الناحية الدينية علي أوسع نطاق، لتثبيت باطلهم في فلسطين بحيث أفهموا دول الغرب وخصوصاً إنجلترا أن فلسطين هي أرض معادهم، وأن أرضها لهم وحدهم بنص التوراة.. بينما العرب المسلمون أسقطوا هذا الجانب الديني المهم من حسابهم.. فخاضوا معركة فلسطين باسم النعرات الوطنية والقومية، وسخر بعض كتابهم بالنواحي الدينية.. فكان مصيرهم الفشل).

هذه نصائح الشيخ طنطاوي لتحرير فلسطين من اليهود الذين كال لهم كل هذه الاتهامات المفزعة المقزعة استناداً إلي فهمه للقرآن الكريم والسنة المطهرة وهو يدعونا للمقاومة المسلحة بل حرب العصابات ضد اليهود، لكن بعد مجيء الرئيس السادات وقد جنح للسلم فجنح معه كل رجال الدين وشيوخه الذين قالوا كلام جمال عبدالناصر نفسه عن العدو الإسرائيلي بل ألبسوه رداء الدين وعمامة الفقه ، ثم يأتي حكم الرئيس حسني مبارك الذي تبدو فيه إسرائيل صديقاً وحليفاً فنري الشيخ طنطاوي صاحب رسالة دكتوراه عصر عبدالناصر هو شيخ أزهر عصر مبارك فيصافح اليهود ويجلس معهم ويحاورهم كذلك ويتشارك مع رئيس اليهود ذات نفسه!

السؤال الآن بعد كل هذا التبدل والتغير والاختلاف والتنقل والتنصل من الأفكار المستمدة من القرآن عن اليهود: هل تغيرت إسرائيل أم تغير شيخ الأزهر أم تغير القرآن؟