السيد نصر الله:ألا يستحق مايجري في غزة اجتماع العرب?

السيد نصر الله:ألا يستحق مايجري في غزة اجتماع العرب?
اشار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان الايمان دخل بقوة الى معادلة المقاومة، وأن هذه المقاومة المؤمنة الصابرة المحتسبه المتوكله المعتقدة العارفة بالله هي التي تقاتل في ‏غزة، لافتا الى الى العالم ينتظر نتائج القصف الاسرائيلي وقتل الناس بالمئات وينتظر متى ترفع ‏المقاومة الاعلام البيضاء وانتفاضة اهل غزة على المقاومة ويعلنون الاستسلام.‏ مؤكدا انه عندما يدخل العامل الايماني على المعركة لا يبقى مجال للهزيمة والانكسار النفسي لان المجاهد اذا استشهد فقد فاز وان انتصر فقد فاز.
السيد نصرالله وفي كلمته في الليلة السادسة من المجلس العاشورائي المركزي أشار الى انه مقابل المشهد الدامي في غزة هناك مشهد مربك في اسرائيل، دفع الاسرائيليين للبحث عن مخرج سياسي لأن الاستمرار في القصف سيؤدي الى المزيد من المجازر ومن تحمل هذا العدد من الشهداء، اما الخيار الثاني فهو العملية البرية والكل يتكلم عن تردد في العملية البرية، لأنهم استعادوا مشاهد حرب تموز، ويقول الخبراء العسكريون انهم لا يعرفون ماذا ينتظرنا في غزة.
وابدى سماحته اسفه من الموقف العربي والتواطؤ العربي، وتطرق الى الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب قائلا ان العدوان بدأ السبت والوزراء اجتمعوا السبت ولم يصدر عنه شيء، ولم تتم الدعوة الى قمة عربية، متسائلا الا يستحق ما يجري في غزة ان يجمتع العرب على طاولة واحدة؟، لافتا الى انهم لا يستطيعون الاجتماع لانهم سيكونون أمام تحدي اتخاذ موقف.
وعلل سماحته تأخر ذهاب الوفد العربي الى مجلس الامن حتى يوم الاثنين القادم بإعطاء اسرائيل وقتها كي تحسم المعركة من هنا الى الاثنين، لكن هذا لا يعني ان العرب غير جاهزين للتمديد لأنهم في حرب تموز مددوا اسابيع، مشيرا الى ان الرهان على الانكسار في غزة لم ينجح. وما نراه هو الصمود وقصف الصواريخ وادخال مدن ومستعمرات جديده. مشيرا الى ان الصمود سيؤتي ثماره والمقاومة لن تكون الا منتصرة، و أن الشعب الذي يقاتل باخلاص وثبات لن تكون عاقبتة إلا حسنا وستفشل رهانات الاخرين.
السيد نصر الله طالب الانظمة العربية ان تسمح لشعوبها ان تعبر عن رأيها ولا تمنعها من ذلك بنشر الاف عناصر الشرطة في الشوارع لمنع الناس من التعبير عن موقفها، وشار سماحته الى ان "هؤلاء الحكام لا يطيقون حتى ان يتحملوا صراخ بضعة الاف تطالبهم بالتحرك، هؤلاء لا يعرفون ما يفعلون وعاقبة التخلي عن المجاهدين الذل والهوان والضياع والضعف".



كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في الليلة السادسة من ليالي عاشوراء في المجلس المركزي في مجمع سيد الشهدا(ع) الرويس.

"..العامل الإيماني هو العامل المهم الذي دخل إلى عنصر المقاومة في عصرنا الحالي، نحن نجل ونحترم كل حركات المقاومة، وكل تجارب المقاومة، و كل فصائل المقاومة، وكل المقاومين السابقين والحاليين، وكل الشعوب التي قاومت، لكن في عوامل القوة وعوامل الضعف قد تحصل أحياناً بعض التفاوتات. في الصراع مع العدو الإسرائيلي، لو أخذنا نموذج لبنان وأنتقل بعد قليل إلى نموذج غزة، لأن ما يحصل كل يوم يؤكد ما قلناه في الليلة الأولى أنه النسخة الفلسطينية عن عدوان تموز 2006.

التطور الأساسي الذي حصل في لبنان بعد عام 1982 وفي الثمانينات والتسعينات وما زال مستمراً إلى الآن، هو دخول العامل الإيماني، الإيمان بالله وبالقيامة وباليوم الآخر وبالجنة والنار وبالحساب والثواب والعقاب وبالشهادة ومقام الشهداء وبالجهاد وثواب المجاهدين ودرجات المجاهدين، هذا الأمر دخل بقوة إلى معادلة المقاومة ولم تعد المسألة هي مسألة شبر أرض نقاتل من أجل إستعادته وهو واجبنا أن نستعيده، ولا نهر من ماء نقاتل من أجل استعادته ويحب أن نستعيده، ولا دفاع عن سيادة ندافع من أجل حمايتها ويجب أن نحميها، هذا واجب نؤديه ولكن عندما يصبح تطلع الإنسان أبعد بكثير من الأرض والماء والسيادة والناس والدنيا والكرة الأرضية والسماوات والأرض إلى ذلك العالم الرحب، إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، إلى درجات المجاهدين والشهداء التي تنتظرهم يوم القيامة بين يدي الله سبحانه وتعالى. هنا، تصبح المعنويات والروحية والإرادة والعزم والدوافع مختلفة، وتصبح القدرة على التحمل، على تحمل المصائب، تحمل فقدان الأحبة والأعزة والعيال والأموال والأرزاق، تصبح قدرة مختلفة لأنها بعين الله وفي سبيل الله، لأنها عند الله وما عند الله لا يضيع لأنها ستكافأ وستجازى من الله الجواد الكريم أحسن جزاء المحسنين والمجاهدين والعاملين.

هذا الفهم، هذا الإيمان، هذه المعرفة هي التي جعلت المقاومة في لبنان تستمر وتنمو وتكبر وتصمد وجعلت شعبنا يتحمل. ما هي التفسيرات التي قدمت في العالم للنماذج الشعبية التي قدمت في حرب تموز 2006، كيف فسروا، كيف يمكنهم أن يفسروا صمود الناس وثباتها وتمسكها بالمقاومة مع دمار عشرات الآلاف من الوحدات السكنية وتهجير أكثر من مليون إنسان 33 يوماً خارج ديارهم ثم يعودون مفتخرين بالمقاومة ثابتين بالمقاومة مؤيدين للمقاومة؟ أين يجدون هكذا نموذج في الدنيا؟ هذا العامل الإيماني، هذا عامل الاحتساب في عين الله. في كربلاء عندما قدّم الحسين (ع) أصحابه وأهل بيته وإخوانه وبقي وحيداً في تلك الساحة ووقف ليطلب ماءً لطفله الرضيع فذبح طفله بين يديه من الوريد إلى الوريد جمع الدم في كفيه ورمى به إلى السماء وقال "هوّن علي ما نزل بي أنه بعين الله"، هذه هي الثقافة الإيمانية وهذا هو الجهاد بخلفية إيمانية.

هذه الثقافة، هذا العامل الإيماني هو الذي دخل بقوة إلى معادلة المقاومة في الصراع العربي – الإسرائيلي، هذا ما لم يفهمه حتى الآن الصهاينة ولن يستطيعوا أن يفهموه،وهذا ما لم يفهمه حتى الآن بعض الحكام العرب المتواطئين مع الصهاينة الذين يظنون أنه بمثل حرب تموز 2006 يمكن أن نمسح المقاومة اللبنانية من الوجود، وبمثل الحرب في هذه الأيام على غزة يمكن أن نمسح ونشطب المقاومة الفلسطينية من الوجود، هؤلاء مشتبهون ومخطئون ولا يفهمون هم وأسيادهم أن هذه المعركة دخلت في مرحلة مختلفة تماماً، هذا الصراع منذ سنوات منذ عقدين في الحد الأدنى دخل في مرحلة جديدة، دافعها وعنوانها وحافزها هو هذا الإيمان بالله وهذا التوكل على الله وهذا الاحتساب عند الله وهذه الاستعانة بالله، والرجاء بثواب الله وأجره أياً تكن النتائج الدنيوية التي يحصل عليها هذا الانسان، إحدى الحسينيين النصر أم الشهادة، كلاهما حسنى يرجوها الانسان من الله سبحانه وتعالى.

عندما يدخل العامل الإيماني على المعركة لا يبقى هناك مجال للهزيمة ولا للانكسار النفسي، لأن المجاهد إذا استشهد فقد فاز وإن انتصر فقد فاز، والحسين (ع) اعتبر ما جرى عليه في كربلاء بالفتح بل فتح الفتوح الذي غيّر وجه الدنيا ووجه الآخرة. اليوم، هذه المقاومة المؤمنة الصابرة المحتسبة المتوكلة المعتقدة العارفة بالله سبحانه وتعالى هي التي تقاتل في غزة بمقاتليها ومجاهديها وشعبها وأهلها، ولذلك فإن العالم كله الذي ينتظر نتائج القصف على المدنيين وعلى العزل في غزة ويقتل الشهداء بالمئات، كله جالس ينتظر متى ترفع المقاومة أعلاماً بيضاً، وينتظر متى ينتفض أهل غزة على المقاومة ويتخلون عنها ويعلنون الاستسلام. هذا الذي يجري الآن.

للأسف الشديد، حتى على المستوى العربي الرسمي، فقد بدأ العدوان يوم السبت ولم يجتمع وزراء الخارجية العرب حتى يوم الأربعاء، ولم يصدر عنهم لا عقد قمة عربية ولا شيء، لأن ما يجري في غزة لا يستحق أن يجتمع حكام العرب على طاولة واحدة !! وهم لا يستطيعون أن يجتمعوا أساساً على طاولة واحدة! لأنهم سيكونون أمام استحقاق الموقف والقرار، فأقصى ما وصل إليه المجلس الوزاري العربي مشكوراً هو تشكيل وفد للذهاب إلى مجلس الأمن يوم الإثنين! لماذا ليس الأربعاء أو الخميس أو الجمعة أو السبت أو الأحد؟ الأحلى من هذا أن مجلس الوزراء العربي شكر بعض الدول العربية على مواقفها العظيمة المساعدة والمساندة للشعب الفلسطيني! طيب، لماذا للاثنين؟ أنا قلت أول ليلة أن هناك أمور أقولها لم أكن أقولها في حرب تموز 2006، يومها لم نكن نريد شيئاً من الحكام العرب، ولم نكن نراهن عليهم أو نطلب منهم شيئاً، وتحت القصف أنا كنت أقول نحن لا نريد منهم شيئاً إلا أن "يفكوا عنا"، والآن الذي يحدث ماذا يقول؟ يقول تحمل مسؤولية أم تواطؤ؟ لماذا أخروا ذهابهم إلى الاثنين؟ أخروا ذهابهم حتى يأخذ الإسرائيلي فرصته، يعني من ذلك اليوم وحتى الاثنين لن يحصل شيء، لا في مجلس الأمن ولا عند العرب، طبعاً، من المستحيلات أن تعقد قمة إسلامية، فإذا لم يستطيعوا أن يجمعوا قمة عربية هل يستطيعون أن يجمعوا قمة إسلامية؟ إذاً حتى الاثنين، يا أولمرت وليفني وباراك خذوا مجدكم معكم وقت حتى الاثنين، لكن أكثر من الاثنين تبدءون بإحراج الوفد العربي الذي سيذهب إلى مجلس الأمن، فمطلوب من اليوم وحتى الاثنين ان تحسموا المسألة. لكن هذا لا يعني إذا فشل الإسرائيلي حتى الاثنين أن العرب غير جاهزين أن يمددوا له أياماً وأسابيع كما حصل في حرب تموز حيث مددوا لمدة أسابيع إضافية! أليست هذه هي الحقيقة المرة والمؤلمة. لكن هذا الرهان على الانكسار في غزة حتى الآن لم ينجح. هؤلاء العرب ليس فقط لم يفعلوا شيئاً، ولو كان حقاً موقفكم يعبّر عن خيار شعوبكم لماذا تمنعون المظاهرات؟ إذا كان الموقف الرسمي المصري يعبر عن إرادة الشعب المصري لماذا ينزل عشرات آلاف رجل الشرطة في شوارع القاهرة ليمنعوا أي تظاهرة! دعوا الشعب المصري يعبّر من خلال المظاهرات عن موقفه ورأيه.

اليوم، لا يسمح في العديد من البلدان العربية أن يخرج الناس ليعبروا عن موقفهم، حتى هذا ممنوع ويعتقلون ويضربون ويلقى بهم في السجون، وهذا حصل في أكثر من بلد عربي. هؤلاء الحكام لا يطيقون حتى أن يتحملوا صراخ بضعة آلاف في هذا الشارع أو ذاك الشارع تطالبهم بأن يتحملوا المسؤولية. هؤلاء لا يعرفون ماذا يفعلون، وعاقبة التخلي عن المجاهدين والمقاومين طوال التاريخ وفي العصر الحديث، عاقبته الذل والهوان والضياع والتشتت والإحساس بالعجز والضعف ، أليس هذه هي الحال الآن ؟ الرهان على الانكسار لن ينجح، و ما نراه في غزة حتى الآن، هو الصمود رغم عظيم التضحيات، واستمرار قصف الصواريخ وادخال مدن ومستعمرات جديدة، وبدأ النقاش الآن من جديد في إسرائيل. بعض الناس يهمهم ان تبرز المأساة، صحيح المأساة يجب أن تظهر ولا يجوز أن نغفلها ولكن يجب ان نرى الجوانب الأخرى، فكبار المحللين والخبراء العسكريين الإسرائيلين، بعد ان انتهى اليوم السابع والمقاومة في غزة بكل فصائلها وأهلها صامدة وثابتة رغم المجازر، يقولون انتهى الزمن الذي تستطيع إسرائيل أن تحسم معركة فيه في ستة أيام، حرب الأيام الستة انتهت مع أنها كانت مع عدد من الدول العربية والجيوش العربية وعلى عدة جبهات وانتصر فيها إسرائيل، ولكن إسرائيل تقتل الناس في غزة دون ان تحقق اي من الأهداف الحقيقية لعدوانها وهذا اليوم السابع ينتهي، هذا الأمر نتحدث به لاحقاً في استراتيجيات الدفاع، لو كان الذي يدافع عن غزة فقط جيش نظامي، لانتهت المعركة في الأيام الأولى، ولكن لأن الذي يدافع عن غزة هو شعب ومقاومة شعبية، أهل غزة، أبناء غزة، رجال غزة ونساء غزة، نعم، إسرائيل في ستة أيام تحسم معركة مع عدد من الجيوش العربية وفي سبعة أيام لا تستطيع أن تحسم معركة مع المقاومة في غزة وب33 يوم لا تستطيع أن تحسم معركة جنّدت لها كل شيء في حربها مع المقاومة في لبنان، وهذا الأمر بدأ الحديث عنه، فقد بدأ اليوم الكلام الجدي في إسرائيل للبحث عن مخرج سياسي وعن حل سياسي، لماذا؟ لأن الاستمرار في القصف الجوي سيؤدي إلى المزيد من المجازر، ومن تحمل حتى الآن هذا العدد من الشهداء سيتحمل لأنه ليس لديه خيار آخر، لأن الخيار الآخر المعروض عليه هو الاستسلام. الإسرائيلي يعتبر أن خياره الوحيد المتبقي أمامه مع نفاذ الأهداف التي تقصف من السماء تقريباً هو العملية البرية، والكل يتكلم الآن في إسرائيل عن تردد في العملية البرية، وهذا من نتائج حرب لبنان، اليوم استعادوا إلى الذاكرة الأيام الأولى لحرب تموز عندما دخلت دبابتهم على طريق عيتا فدمرت من خلال العبوات، ثم دخلت دبابات أخرى فدمرت من خلال الأسلحة المضادة للدروع، ويقول الخبراء العسكريون لو تقدمت دبابتنا إلى غزة لا نعرف ماذا ينتظرنا في غزة وهم على مشارف الانتخابات.

صحيح أن هنالك مشهد دامي في غزة ولكن مازال هنالك مشهد مرتبك في إسرائيل، وما زال هناك مشهد صمود في المقاومة، وأعتقد أن هذا الصمود سيؤتي ثماره وهذه المقاومة لن تكون الا مقاومة منتصرة لأننا نؤمن بأن الشعب الذي يقاوم بإخلاص بإيمان بتوكل بهذا الاستعداد العالي للتضحية وللثبات وللصبر لن تكون عاقبته إلا هذه العاقبة الحسنة، والمراهنون على العكس ستفشل رهاناتهم، وكما قلت في تلك الليلة، نحن أمام امتحان كبير وحجة كبيرة ومنطق جديد يترسخ بفعل هذا الثبات وهذه المقاومة. يجب أن نحرص أن نكون من أهل هذا الإيمان وهذه المعرفة وهذا التذكر ليوم القيامة وليوم الحساب، لنكون جديرين بتحمل مسؤولياتنا في هذه الدنيا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق