مع هيكل

هيكل: إسرائيل أرادت أن تقضي علي«حماس»حتي تصل إلي تسوية مع السلطة
.. واستغلت فرصة انتقال السلطة في أمريكا لتنفيذ أهدافها
بعد ترقب 12 يومًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي، خرج الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل ليدلي بشهادته التاريخية علي حاضر لا يريد أن يكون تاريخًا بعد، وها هو هيكل يتكلم في حوار مهم مع الإعلامي الكبير حسين عبدالغني - مدير مكتب قناة «الجزيرة» بالقاهرة - قال هيكل الكثير عن حماس وفلسطين وإسرائيل ودور مصر والعرب إزاء ما يجري من مجازر في غزة.
> كلما تنزل الملمات بهذه الأمة يفتقد الناس صوت هيكل.. 12 يوماً من المأساة، لكن الأستاذ لم يتحدث.. لماذا تأخرت عن الكلام؟

ـ عادة في الحوادث الساخنة أفضل باستمرار النظر إلي مجمل الأشياء، والجزيرة عملت تغطية كبيرة للأحداث، طوال الفترة الماضية أتابع كملايين غيري وأحاول أن أهدئ أعصابي، أحاول أن أ
قنع نفسي بتهدئة أعصابي وأتكلم ببرود في وقت لا ينفع فيه هذا.


> المشهد يبدو معقداً ومركباً للغاية، تقول هناك عناصر متداخلة «السياسي مع العسكري» مشهد فوضوي، كيف نفهم هذه الصورة، هل نبدأ بتحليل موقف كل طرف «الإسرائيلي والأمريكي وحماس» أيضاً؟

ـ في الأول أريد القول: علينا أن نبدأ بموقف إسرائيل فلابد أن تنتبه إلي أنه عندما جاءت حماس كانت هناك حلول 
تُفرَض، وقوي إقليمية وعناصر فلسطين
ية، وفي سنة 2006 حدثت انتخابات ديمقراطية انتخبت حماس، لكن مجري التسوية وقفت أمامه عقبة وهي أنه جاء أناس بطريقة غير متوقعة ووقفوا في مجري التسوية وحدث انسداد وبدا كلام عن ضرورة فتح المجري العام للتسوية، فعلي سبيل المثال بدأت حكومة حماس تعمل في غزة وأخذت السلطة ثم وجدت أنها لا تستطيع ممارسة السلطة، حماس في السلطة عندها حق شرعي لأنها وصلت للسلطة بالديمقراطية وأنا سمعتهم كثيراً، دخلوا لكي يكشفوا للعالم مدي قوتهم، كنت أتمني ألا يكونوا في السلطة، من ثم بقينا أمام قضية موجودة وبدا هناك عمليات مخططة أن قوات الأمن الفلسطيني ترتب لعملية مواجهة مع حماس.
أنت هنا أمام الحرب الأهلية الفلسطينية، بشكل عام بدا أن الطرف الفلسطيني المكلف بالعملية ليس قادراً، وربما ليس راغباً في التسوية، رغم وجود ضغوط شديدة من أجل التسوية والطرف الفلسطيني الذي بدا أولاً أنه مستعد للتسوية لم يعد مستعداً، ومن هنا إسرائيل بدأت وقررت تأخد المهمة، وإسرائيل ترغب في إزاحة القضية «أولاً» مع نهاية عهد وبداية عهد جديد.

> هل تقصد أن إسرائيل كانت تريد إزاحة القضية من أجل إتمام التسوية؟

هذا صحيح إلي أقصي حد.

> هذا يقودنا إلي محاولة استطلاع الأهداف من ه
ذه الحرب الإسرائيلية؟

ـ إسرائيل تريد أن تخلص علي حماس وتعتقد أن هناك فرصة مناسبة وهناك فراغ سياسي انتهزت
ه إسرائيل فيه انتقال السلطة في أمريكا وأعياد ومناسبات وأزمة مالية شغلت العالم، إسرائيل أرادت أن تضع العالم كله أمام أمر واقع، أولاً كنا أمام جيش إسرائيلي وهو جيش مستعد للقتال بعد أن تأثرت سمعته في حرب لبنان وهم يريدون أن يستعيدوا هذا السمعة أمام الشعب، وأمام العالم، الجيش الإسرائيلي كان راغباً في هذا العمل بشكل كبير لأن هيبته في المنطقة كما يتصور معلقة علي الجيش، وبالتالي كان عايز يدخل.

الأمر الثاني، الأحزاب في إسرائيل هناك صراع شديد في إسرائيل بين أولمرت وهو «خايف»، وباراك وزير الدفاع وهو يريد أن يثبت نفسه، تسيبي ليفني وهي معتقدة أنها زعيمة حزب، نحن أمام مجموعة عناصر شريرة جداً.
الرئيس المنتخب أوباما نجد شيئاً غريباً وهو أن وزير الدفاع الأمريكي هو الوزير الوحيد الذي استمر من إدارة بوش إلي إدارة أوباما، هذه الخطط درست في وزارة الدفاع الأمريكي، ومن جانب الإسرائيليين لأنهم يعرفون أمريكا.

أوباما أحيط علماً بالعملية المقبلة وذهبت إليه مجموعة أحاطته بالمعلومات في CIA وأحيط علماً بما يجري.

الخطة الأمريكية موجودة أمامنا وتعلمها إسرائيل وموجود بها شيئان أساسيان أولاً: تسوية المنطقة في فلسطين وثانياً: إعداد المسرح لضغط دبلوماسي يغير النظام 
في إيران، لذلك نحن نستعد لحرب مقبلة في المنطقة.

أقدر تماماً ما قلته وإعادة ترتيب الأوراق

> حضرتك تتكلم من منظور الاستراتيجية العالمية وتسوية المنطقة فرضت حلاً للصراع العربي الفلسطيني وإعداد المسرح لضغط يغير النظام في إيران.
ـ إن الأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية لا تنفصل والمطلوب إزاحة عنيفة معينة وتهيئة المسرح لمواجهة جديدة، ومن هنا تقدمت إسرائيل ليس فقط لأن أمريكا تريد تجديد عقد الوكالة الأمريكية ولكن لأن أمريكا في التعامل مع إسرائيل أكثر طواعية وتريد أن تقول أنا التي نجحت في إزاحة العقبة الموجودة في المنطقة وأنتم متفرجون.

> هل هذا معناه أن ما يحدث من قتل وتدمير للبنية التحتية في غزة هو نفس السيناريو الذي حدث في تموز 2006 لبنان مع حزب الله؟

ـ إلي حد كبير لكن هناك فوارق، حزب الله كان أكثر استعداداً وكان مطمئناً لقوي في الأقليم مثل إيران فكان أكثر
استعداداً وأكثر قدرة علي الحركة، لكن الحاجة الغريبة أن كان هناك تمهيد لضرب سوريا والبدء بحزب الله.
حزب الله كان مطلوباً إزاحته في حد ذاته لأنه كان قوة، لكن في غزة الوضع مختلف فالأمر ليس فقط حدود وموارد ولكن الأرض وتضاريسها فالوضع مختلف وإخواننا في غزة يواجهون قضية أخري.

> هل تعتقد أن ما قاله الأتراك وأطراف أخري أثناء الأزمة سيتحول لأزمة أقليمية ويتدخل حزب الله هل هذا مطروح؟

ـ لا يوجد أطراف تقترب من الأزمة والتدخل العسكري لأن غزة معزولة ومحصورة بين إسرائيل ومصر ولذلك نحن نطرح سؤالاً تعجيزياً للقوي المحيطة في الإقليم.
تدخل حزب الله يعني جرهم لمعركة وتوسع النطاق بطريقة غير ملائمة لحزب الله وحزب الله موجود في لبنان ودفاعه في لبنان حق مشروع لكن تدخله في مناطق أخري سندخل في منطق آخر وننظر باستمرار لبؤرة واحدة؟


حزب الله غير مستعد ولو دخل اليوم في المعركة سيكون خطأ.. وهناك فرق بين دفاعه الشرعي في لبنان لأنه موجود بها وخوضه معارك أخري لذلك لأعتقد ولا ينبغي دفعه ولا ابتزازه للدخول في هذه المعركة.

> إذا قلنا إن الولايات المتحدة كمحرك لإسرائيل تقابلت مصالحها مع إسرائيل في إزالة العقبة التي تحدثت عنها.. هل في الأداء الأمريكي ما تري إلقاء الضوء عليه؟
ـ الموقف الأمريكي أمامي ظاهر، أمريكا حصلت في المنطقة علي ما تريد وليس هناك بلد عربي إلا وفيه قاعدة أمريكية، مع الأسف الشديد أمريكا حصلت في المنطقة علي أكثر مما كانت تريد وأنا أقول هذا وأنا حزين.

إسرائيل أخذت سواء منا مباشرة أو عن طريق الأمريكان كثيراً وبعض الدول العربية للأسف تتصور أن طريقها إلي واشنطن يمر عبر إسرائيل.

> عناصر الموقف الأمريكي ظاهرة في الأزمة لكن الفترة الانتقالية الحالية ما تأثيرها؟

ـ تذكر أن هناك فراغ سلطة في أمريكا، في هذه الأزمة الراهنة لا يستطيع أوباما تكرير أن لأمريكا رئيساً واحداً فقط، وفي نفس الوقت بوش موجود، وهذا يعطي أو يعني وج
ود فترة فراغ طويلة في أمريكا، وأحب أن ألفت نظرك إلي حديث لـ«توني بلير» في صحيفة إسرائيلية منذ فترة قال فيه يجب أن ننتظر ما هو قادم وكأنه كان يلمح إلي الحرب الإسرائيلية في غزة، كثافة قوة النيران الموجودة في غزة والصور مرعبة ومستفزة والشعب يدفع الثمن ليس فقط ثمن القضية أو التسوية لكنه تصفية حسابات قديمة للجيش الإسرائيلي.

> تكلمت عن التحركات الدولية والإقليمية التي خلق
ت لاعبين جدد بأدوار جديدة مثل تركيا لكن نريد أن نلقي الضوء علي تحميل البعض حركة حماس المسئولية.. هل تعتقد أن إسرائيل ما كانت تقوم بهذه العمليات لو أن حماس كفت عن الصواريخ؟

ـ قد يكون هناك نظرتان للأمر الأولي: أن هذه عملية لابد منها لإزالة عقبة، فالقضية لم تكن لها علاقة بحماس بالرغم من أنني لي ملاحظات علي حماس لكن ليس هذا وقتها فأنا لن أفعل مثل العرب الذين يلقون كل المسئولية > الفلسطينيون لا يدفعون فقط ثمن رغبة إسرائيل في 
التهدئة بل يدفعون ثمن تصفية حسابات قديمة للجيش الإسرائيلي > العملية الإسرائيلية كانت ستحدث حتي لو لم تطلق حماس الصواريخ > هناك صراع شديد بين ايهود أولمرت وتسيبي ليفني وباراك وهم مجموعة عناصر شريرة جداً

علي حماس، ولكن حماس لا تعرف تحركات الع
الم والتركيز عليها دينياً لا يفيد القضية وهذه معركة قومية وإذا تحولت إلي قضية دينية ستنقسم إلي عالمين.

وهنا أعتقد أن أول شيء معرفتها بالعالم، وهي لا تعرف تحركات العالم.. والثانية: التركيز علي الدين.. حماس لم تستفد
من التهدئة والذي استفاد هو إسرائيل، أعتقد أنه ممكن نقول إن حماس ضربت صواريخ وكنت أتمني ألا تضرب، أعتقد أن الحصار المفروض الذي فرضته قوي إقليمية علي حماس منذ وصولها للسلطة كان بسبب نظرة هذه القوي للحركة علي أنها «ظاهرة خطيرة»، ويجرحني جداً الكلام الذي قيل في الجرائد عن أن مصر مشاركة في الحصار.

> الأداء السياسي والإعلامي لحماس في الأزمة.. هل تعتقد أنه ربما كان قاسياً علي بعض الأطراف العربية تجاه موقفها في الأزمة؟
ـ لا. وهم تعرضوا لأكثر مما هو لازم، فحينا يعاقب أحد علي وجوده فهذه كارثة، وأعتقد أنهم لم يتجاوزوا في حق أحد.

> هذه التحركات الدولية والفراغ في السلطة في أمريكا.. إلي أي حد يتفاءل الأستاذ هيكل بحل لا يكون به مزيد من الضياع؟


ـ هناك حلان، ما هو مطلوب هو تسوية كاملة للأزمة وهذا الهدف أصيب بنكسة لأن هذا العدوان الإسرائيلي أنتج عقبة أكبر بكثير من حماس، أما الأزمة الخاصة بحماس سنظل نتحدث منها كثيراً.
> تحدثت عن التحرك والموقف العربي، ومواقف كثيرة في التحركات العربية تحتاج لتحليل.. والموقف المصري تحديداً، البعض تحدث عن الأداء السياسي وكذلك الدبلوماسي والإعلامي، حتي الحديث عن تورط مصر في هذه العملية؟

تحدثت عن المطلوب تسويته ومسرح إقليمي بالكامل تفرض عليه تسوية لكنني طوال الوقت وأنا أفكر في الموقف المصري.. عندي هاجس بأنني عاجز عن فهم الموقف المصري فحاولت أن أضع حججاً.. هناك مسألة غزة وكل شيء.. موضوع غزة إما أن تنظر له علي المستوي الضيق وأن حماس امتداد للإخوان المسلمين وإما أن تنظر له بوجهة نظر السياسة العليا، عايز الناس تفهم إني لو كنت م
وجوداً في الصراع من أجل الشعب الفلسطيني فهناك حدود للتضحية، لكني أري وجودنا في الصراع من أجل الدفاع عن مصر، فهي تملك أسلحة نووية وأنت لا تملك أي شيء وهذا الوضع يجعلك تخضع لأي شيء، لكن للأسف السباق وقته فات، والمسألة كيف يمكن لمصر لمجرد أن تعرف وجود 200 قنبلة نووية ومصر لا تملك ما تملكه كوريا ولا أوروبا ودولها، لم تقبل هذا الوضع؟ مجرد هذا الوضع في حد ذاته يجعلني عرضة للابتزاز الإسرائيلي.

هناك مساءلة مهمة جداً وهي من غير ما نحار
ب، التوازن موجود في القوي، التهديد في حد ذاته يحدث خللاً في موازين القوي ويسبب التهديد.

> الموقف المصري لا ينظر فيه لا إلي استراتيجية عليا أو دوافع أمنية، أو أي دور لمصر في المرحلة المقبلة يمكن أن تؤديه، كيف يمكن أن تدافع عن نفسك إذا لم تكن لديك مصادر للقوة ولم يعد أمامك إلا القوي الناعمة؟

أنا مختلف مع السياسة المصرية ومع مبارك كثيراً لكن مهما اختلفت معه، فهو موجود وعنوان للسياسة المصرية، هناك مصر السياسية، هذه اعملوا فيها ما تريدون، لكن هناك مصر التاريخية فهذه لابد أن نظل نحافظ عليها دون أن يقوم أحد بالمساس بالدور التاريخي لمصر.

> المواقف التي اتخذت أقل بكثير من موقف مصر التاريخي نغمة أيام السادات والتوقيع علي كامب ديفيد.. إننا نظل نضحي من أجل فلسطين؟
انتماء مصر للعالم العربي حتي بالحساب المادي هو ميزانية رابحة، إذا لم يكن لك دور وقوي مؤثرة فمصر دون تلك القوي.

> السؤال المهم: هل تستطيع أن تظل تعيش في ظل هذا التهديد؟ الأمن القومي المصري لا يتعرض فقط لخلل القوي في التوازن؟!
- أخشي أن السفارة الإسرائيلية تلفت نظر مصر لكيفية التعامل مع البدو وقد انقسمت البلد، أصبح هناك سكان عشوائيات وسكان منتجعات في هذا البلد بسبب مصالح ورؤي.

> يعرف الناس من تاريخك أنك شارك
ت في صنع السياسة يعني أنك تعرف كيف يُصنع القرار في مصر، ما الذي كانت مصر تستطيع أن تفعله فعلاً؟ البعض طالب بطرد السفير أو سحب السفير المصري من تل أبيب أو الالتزام ببعض الأحكام الصادرة بعدم تصدير الغاز؟

> ولا كل هذا.. السياسة سياسة، اليوم بيوم وهو حر فيها لكن أفرق بين مصر التاريخية بكل قوتها ومصر السياسية.

مصر التاريخية هي الاقتصاد الحقيقي ومصر السياسية هي الاقتصاد المالي لابد أن يكون هناك توازن، عايز تصدر صدر، كل صفقات الغاز لإسرائيل ضيقة 
لكن هذا ليس وقت فتح الملفات، عاوز حاجة واحدة من الرئيس مبارك ومستشاروه هي أين مصلحة مصر الاستراتيجية؟! أين مستقبل مصر؟! أين قيمة مصر؟! هناك معيار للقوة الناعمة: ما مدي تأثيرك داخل حدود سلطتك؟ اعمل حاجة حافظ علي قوة مصر الناعمة وهذه القوة موجودة خارج الأقلية.

فأنا لا أفهم مصلحة في هذا الصدام المفتعل مع إيران وتقسيم العالم العربي لشيعة وسنة ومسلمين ومسيحيين، أشعر بالحرج أن تظهر صورتنا بهذا الشكل ونبدو متخلفين.

لابد وأنت تقرر وتفكر في غزة أن تعلم أنه لا يجوز أن تقف فقط بنظرتك للإخوان المسلمين أو حماس كحركة دينية
استعمل قوتك في كل مكان بالعالم العربي لكن وأنت تقرر موضوع غزة يجب أن تدرك أن إسرائيل كانت تحاصر غزة لكن هناك فرق بين أنها محاصرة وأنها محتلة.
العالم كله في حاجة خطيرة نحن نُقل عنا كثير جداً وكل الساسة العرب والأجانب نقلوا عنا أشياء كثيرة مثل ساركوزي عندما قال لإيهود أولمرت إنه سمع من الرئيس مبارك «أن حماس لا ينبغي أن تنتصر في المعركة» ـ هذا كلام!! ـ ومع ذلك لم يصدر عليه تكذيب!!، هذا يصيب القوي الناعمة لمصر في مقتل كدولة تحاول أن تحافظ بمعني قوتها الناعمة، معبر رفح كقضية تتعلق بشكل ما في مساءلة الحصار.. لم تدخل حبة قمح لشعب محاصر بدأت عليه الحرب منذ 12 يوماً؟
موقفنا من المعبر أنا أيضاً لا أفهمه، يحرجني جداً أن أجد صور لبعض العربات دخلت وبها دقيق من ناحية معبر إسرائيل في حين أن معبر رفح المصري لم يدخل منه شيء، هذا به ابتزاز وإرضاء لأمريكا.

> أردوجان والدور التركي يحتاج لتقسيم أكثر، لكن موقف مصر مع معبر رفح والنظرة الضيقة للتعامل مع القضية الفلسطينية، هل تعتقد أن اقتحام السفارة ا
لمصرية في عدن وغيرها قد يؤدي لعزل مصر كما حدث من قبل؟

ـ كل المظاهرات التي شاهدتها مع الأسف الشديد نجح الإعلام ـ بقصد ـ أن تظهر أن العالم العربي والخارجي يدين مصر وهذا يصيب القوي الناعمة لمصر في مقتل كدولة لها التزام معين وتأثير كبير، وأقول نحن نتكلم علي بلد له قيمة في التاريخ والمنطقة لكن نحن نعبر عن هذا البلد للأسف بطريقة.. لا أريد أن أستخدم أوصاف قبيحة.
أنا مجروح جداً، مصر أكبر من مبارك وناصر والسادات ولا يمكن لأحد أن يتعامل بهذا الشكل.

> في انتقاد بعض الأطراف العربية للأداء المصري كانت هناك ردود أفعال مثل حسن نصر الله الذي دعا الشعب للخروج والجيش للضغط علي الإدارة السياسية لاتخاذ مواقف أكثر ضد إسرائيل؟

- ردود الفعل ليس بها قوة لكن بها عنف وكان افتعال العنف بأكثر مما يجب، لقد قرأت تصريحات «نصرالله» وأنا أعرفه جيداً وأعتز بهذا الشخص وهو كان
 ينتظر مواقف أكبر من مصر، لكني أري أنه أخطأ في تصريحاته ورد فعله لأنه لم يفهم بالضبط ما الذي يمكن أن يقول في مواجهة مصر لقد أخطأ وأقولها بوضوح، لكن لا أعتقد أنه كان يدعو لانقلاب «بالعكس هو قال أنا لا سمح الله أدعو لانقلاب».

وحسن نصر الله والخميني كان ككل الشيعة يعتقدون أن مصر بقلبها وقربها من آل بيت الله، مصر لها قيمة كبيرة عندهم وأري 
كلاماً في الجرايد عن حسن نصر الله عيب أن يقال مثل «عميل أو مأجور لإيران».

حسن نصرالله أخطأ لكن هناك فرق بين أن تتصيد خطأ وتعتبره عدواً لك وتهاجم أو تعتبر أنه جزء من قواك الناعم وترده إليك فهو أخطأ كصديق.

> السيد حسن نصرالله، فعل ما فعله الرئيس السادات لأنه في الصلح كان يخير المصريين بين عربيتهم ومصريتهم ونصر الله خيرهم بين مصريتهم أو وطنيتهم وبين العروبة.. ما رأيك؟

- كلنا تحت ضغوط شديدة ونصر الله تكلم في أيام عاشوراء وهذه الأيام النبرة الاستشهادية تكون موجودة أكثر وعندما يخطئ أقول له إنه أخطأ، ولكن في المقابل هناك الجرائد الإسرائيلية والأمريكية وغيرها اتهمت مصر بالتواطؤ والعمالة ولم ترد.
لكن حين قال نصرالله كلمة خلاص مش طايق نفسه وفي رأيي أنه عندما ترد لكرامتك وتصبر علي غضبك فيجب أن تضع في ذهنك الاستراتيجية العليا لهذا الوطن..

> تحدثت عن الدور التركي الذي بدا لافتًا للنظر في هذه الأزمة.. هو استدعي من الدبلوماسية المقربة في لحظة ثم بدا مبادراً في هذه الأزمة.. هل تعتقد أن هذا يعكس محاولة للتحالف المعتدل لعزل إيران عن هذه الأزمة واستبدال إيران بتركيا كبديل لها.

- لا.. تركيا لن تدخل إلي المجتمع الغربي؛ لأنها ببساطة إسلامية، الدور التركي عائد للمنطقة وتري دائرة تستطيع أن تمارس بها دور... هذا دور لابد لنا جميعاً
 أن نرحب به، وتركيا لا تأتي علي حساب إيران، هناك أربع دول في المنطقة يمكن لها أن تؤثر بشكل كبير وهم إيران وتركيا في الشمال، ومصر وإسرائيل في الجنوب، إسرائيل محدودة جداً لأنه ليس لديها إلا قوة مسلحة وهي في كل الأحوال عاجزة، القوة بطبيعتها تستطيع أن تقتل وتدمر لكن اللي عملته إسرائيل في غزة أخَّر أي حديث عن السلام عشر سنوات للوراء.

> هناك حديث جدي يُطرح لأول مرة عن 
وجود قوات دولية علي الحدود مع غزة كان الرأي المصري باستمرار أن في ذلك تهديداً للأمن القومي المصري هل يمكن لمصر أن تقبل بهذا؟

ـ مصر لا يمكن أن تقبل هذا.. وجود قوات دولية به تصفية للقضية الفلسطينية بعيداً عن الشروط العربية، ومصر لا ينبغي لمصلحتها أن توافق علي وجود هذه القوات، كل المشاهد التي نراها في غزة تمزق قلبي ولكن أمام هذه المشاعر تجذبني المصلحة العليا لهذا البلد أيضاً.
> هناك محللون يرون ألاَّ نأمل في إتمام تسوية قبل نهاية هذا الشهر؟

ـ محضر مجلس الأمن ، يعني إيه تسوية وأنت عاوز تسوية بشروط إسرائيل ولا ينبغي لمصر ولا لأي دولة عربية أن توافق علي هذا وتسايره.
> تقديرك الزمني أن هذا قد يأخذ الوقت الذي يتحدثون عنه؟
ـ إذا مشيت الأمور كما هي ستأتي الإدارة الأمريكية وسيقبل العالم العربي بالشروط التي وضعتها كوندليزا رايس في جلسة مجلس الأمن أمس والتي تقول إن الأزمة سببها عدوان حماس علي إسرائيل.. مالم يحدث تغيير رئيسي تتبين فيه بشكل واضح المصالح العربية ستسير الأمور، كما تريد إسرائيل.
> من هم أكبر الرابحين وأكبر الخاسرين في هذا العدوان. البعض يقول إن مصر وإسرائيل هما أكبر من خسروا ، مصر لأنها لم تؤد ما كان يجب عليها من دور وإسرائيل؛ لأنها أجهضت أي محاولات للسلام؟

ـ «الربح والخسارة» أنا موافق بالفعل إن الاثنين فعلاً خسروا، لكن
 أيضاً العالم العربي كله خسر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق