في انتظار أوباما

في انتظار أوباما
فهمى هويدى



هذه المبالغة من جانبنا في تعليق الآمال علي قدوم الرئيس الأمريكي الجديد «باراك أوباما» لا تفسير لها سوي أنها تعبير عن اليأس والعجز.. من حق الأمريكيين أن يحتفوا به وأن يروا فيه مُخلِّصا من وطأة السنوات العجاف التي خلَّفها له سلفه، لكنه بالنسبة لنا له فضيلة واحدة حتي الآن، هي أنه ليس جورج بوش. ولعلي أذهب إلي أن أحد أسباب الترحيب بالرئيس الأمريكي الجديد في العالم العربي أن الناس في بلادنا كرهوا السيد بوش إلي حد جعلهم مقتنعين بأن أي شخص آخر يأتي إلي البيت الأبيض سيكون أفضل منه.

صحيح أن الرئيس أوباما بعث إلينا في خطاب تنصيبه رسالة أراحت كثيرين منا، حين تذكر العالم الإسلامي، وقال إنه في تعامله معنا سوف يتبني خطاباً جديداً يرتكز علي المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهو كلام طيب لا ريب، لكنه يظل كلاماً يُقدر ولا ينبغي أن نحكم عليه إلا بعد أن يُختبر.

لقد تلقيت أكثر من اتصال هاتفي من بعض الزملاء الصحفيين في أعقاب إذاعة كلمة الرئيس الأمريكي وطلبوا مني تعليقاً حول إشارته الإيجابية إلي العالم الإسلامي. ومن الأسئلة التي سمعتها أدركت أننا فهمنا الرسالة خطأ، وحملّناها بأكثر مما تحتمل. وكان تحليلي أن اليأس والإحباط تمكنا منا، بحيث أصبحنا ننتظر مُخلّصاً من خارج بلادنا، بعدما فقدنا الأمل في أن يأتينا الخلاص علي يد أحد من القائمين علي أمرنا. وإضافة إلي أن أوباما ليس بوش. فإنه حين عبّر عن احترامه لنا، يبدو أنه لمس وتراً حساساً ورفع من سقف توقعاتنا منه لأننا بالخبرة لاحظنا أن كلمة الاحترام لم تكن واردة في قاموس العلاقات العربية الأمريكية.

في كل حوار دار حول الموضوع كنت أركز علي النقاط التالية:

> إن الولايات المتحدة بلد كبير له مؤسساته القوية ومراكز الضغط المتعددة، وهي ليست مما تتغير سياساته بسهولة إذا ما تغير الرئيس.

> إن مشكلات الشرق الأوسط ليست من أولويات الرئيس الجديد، لكنه معني أولاً بالأزمة الاقتصادية في بلاده، وبانسحاب القوات الأمريكية من العراق.

> إن الانحياز إلي إسرائيل هو أحد ثوابت السياسة الأمريكية، في الأجل المنتظر علي الأقل. وهذا ما عبّر عنه صراحة بعض أعضاء فريقه للسياسة الخارجية الذين زاروا المنطقة قبل انتخابه، ومما قالته السيدة مادلين أولبرايت - وزيرة الخارجية الأسبق - التي كانت ضمن الفريق: انتظروا منه أي شيء إلا في الموضوع الإسرائيلي، بالتالي فلا تتوقعوا منه تغييراً في الموقف الأساسي «النوع» ولكنه قد يغير من الأسلوب والدرجة فقط.

> في هذه الحالة فإن أوباما سيقترب من ملف الشرق الأوسط بالقدر الذي تفرضه المصالح الإسرائيلية، الأمر الذي سيدفعه إلي الاهتمام بمعالجة الملف النووي الإيراني، الذي هو مطلب إسرائيلي بالأساس.

> إن أي رئيس أمريكي يظل في ولايته الأولي حريصاً علي كسب تأييد إسرائيل وأنصارها الأقوياء في الولايات المتحدة، لأن عينه ستظل مصوبة نحو أمله في الاستمرار للولاية الثانية.

> إن اختياره لوزير الدفاع السابق جيتس لينضم إلي إدارته وللسيدة هيلاري كلينتون للخارجية يعني أنه سلّم الملفين إلي شخصيتين قويتين لكي يركز اهتمامه علي الشأن الداخلي. وهو ما يعني أنه لن يكون هناك تغيير جوهري في السياسة الدفاعية وأن موقفه بخصوص الشرق الأوسط سيكون امتداداً للسياسة التي اتبعها الرئيس الأسبق كلينتون.

> إن كلامه الإيجابي عن العالم الإسلامي لن يعني سوي أنه قد يغير من الوسائل لكن الأهداف والاستراتيجية ستظل كما هي بغير تغيير.

> إن العالم العربي يمكن أن يشهد وضعاً أفضل في حالة واحدة، هي ما إذا استخدم عناصر قوته في الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا، لكن أغلب نظمه الآن تفضّل التجاوب مع السياسة الأمريكية علي التجاوب مع أشواق شعوبها، ونموذج غزة ماثل تحت أعيننا، فإذا كانت الدول العربية المؤثرة تنفذ بالضبط ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل فكيف يمكن أن نطالب الرئيس الأمريكي الجديد بتغيير سياسة بلده إزاءها؟!

0 التعليقات:

إرسال تعليق