كوفية فلسطين
مرسلة بواسطة
Abdullah Khalaf
في الخميس، 22 يناير 2009
التسميات:
الأسبوع,
غزة,
فلسطين,
يوسف القعيد
يوسف القعيد
لم أصدق نفسي عندما شاهدت المشهد.. أغمضت عينيٌ وفركتهما وفتحتهما.. كان الباعة عند تقاطعات شوارع مدينة نصر.. يبيعون كوفية فلسطين لقائدي السيارات عند توقفهم في الإشارات.. من قبل كان ما يبيعونه يتغير حسب الظروف.. إن كان ثمة مباراة لكرة القدم.. يبيعون أعلام الفريقين.. وإن كان الفريق القومي هو الذي يلعب.. فإن أعلام مصر هي التي تباع.. آخر ما رأيته في أياديهم عند توقفي في الإشارات.. كانت عن أعياد الميلاد.. من شموع وتماثيل صغيرة للعذراء مريم وبابا نويل.. في الأيام التي تخلو من أي حدث.. يبيعون المناديل الورقية.. وقبل أن يدهمنا زمن الورق.. كانوا يبيعون الورد البلدي.. بروائحه الفواحة.. وكانت سعادتهم تصل للذروة.. عندما يجدون راكبا شابا.. يقود سيارة وبجواره راكبة شابة.. لأن لحظة بيع الفل والياسمين تصبح الكلمة الأولي في مستقبلهما السعيد معا.
بعد أن بدأت مجزرة غزة.. فوجئت بكل الباعة.. يبيعون كوفية فلسطين السوداء.. ركنت سيارتي ونزلت.. طمأنت من تكلمت معه إلي أنني سأشتري كوفية.. عرض عليٌ شراء كل ما معه.. قلت له كوفية واحدة تكفي.. سألته عن الفكرة.. لماذا هذه الكوفية؟ مع أنني تصورت في أن الأمر ربما يعود للتجارة.. ذهب خيالي لقوانين السوق.. التي تحاصرنا في كل مكان نذهب إليه.. ولكن الولد الذي تكلمت معه.. كان يعرف ما جري في غزة.. سألته عن مصادره في المعرفة.. قد لا يملك راديو أو تليفزيون.. ولا يعرف القراءة والكتابة. ولا يشتري الصحف.. قال لي كلام الناس.. دهشت لأن الناس العاديين.. طحنتهم ظروف الحياة.. ولم تترك لهم قسوتها فرصة لالتقاط الأنفاس.. أشار ببساطة للكناسين وعساكر الأمن المركزي والمتسولين.. وطلب مني سؤالهم لأصدق أنهم يعرفون.. كان مشغولا بالبيع.. لذلك بلعت سؤالي عن الأزمات السابقة.. ماذا كانوا يبيعون فيها؟
سألتهم عن الكوفيات لماذا هي سوداء؟ ولم تكن حمراء؟ ككوفية ياسر عرفات.. قال لي الكذب علي الناس خيبة.. وعلي الله معصية.. الكوفيات السوداء جاءت لهم من المتعهد. قلت ربما كان المقصود من السواد هو الحزن.. ثم إن الدماء الحمراء تؤدي للحزن الأسود.
0 التعليقات:
إرسال تعليق