يا مثبت العقل والدين!


من أول السطر

إبراهيم عيسي

دعني أذكركم فقط لمجرد الذكري، حيث إن الذكري ناقوس يدق في عالم النسيان كما يكتب العيال الحبِّيبة علي الشجر في جنينة الحيوانات أن إسرائيل احتلت فلسطين قبل ظهور حركة حماس بأربعين سنة تقريبا وقبل سبع وخمسين سنة من نجاح حماس في الانتخابات!

ثم إن إسرائيل ضربت الضفة الغربية بالصواريخ وارتكبت مجازر في جنين ونابلس ورام الله وبيت لحم وحاصرت ياسر عرفات في مقر الرئاسة لسنوات ومنعته من الخروج من فلسطين وأن يعتب خارج باب مقر الرئاسة، كذلك قطعت عنه الكهرباء وقذفت وأحرقت البيوت والشوارع من حوله قبل أن تكسب حماس أي انتخابات!

إسرائيل كانت تقتل وترتكب المجازر وترفض الانسحاب عن الضفة وغزة رغم أنه ساعتها لم تكن حماس مهمة ولا كانت سلطة ولا حكومة مقالة!

بل عرفات نفسه الذي وقَّع مع إسرائيل معاهدات واتفاقيات سلام وقد هري رابين وبيريز بوس وقبلات وأحضانًا حارة ومع ذلك حاصروه وسمموه، وبالمناسبة فأشاوس فتح الذين سقطوا بعدها في الانتخابات كانوا سادة غزة ورام الله، وكل واحد من هؤلاء كان الزعيم بارم ديله، بينما إسرائيل سكعتهم جميعًا صفعًا وركلا ولم نرها تحترمهم وتتنازل لهم أبدًا عن أي شبر أو سنتميتر باعتبارهم معتدلين ومش متطرفين إيرانيين أوغاد مثل قيادات حماس.

لقد كانت تل أبيب وأمريكا تقول إن الذي يعطل السلام ويعرقل عجلة السلام ويقف ضد نجاح عملية التسوية هو «عرفات» وكان الإخوة الحكام العرب الذين يجلسون الآن علي مقاعدهم هم أنفسهم يرددون وراء أمريكا وإسرائيل نفس الكلام - مرة أخري حقكم فوق رأسي إنني أذكركم - كان عرفات المتهم الوحيد والذي إذا ما غار من أمامهم فسوف تنتهي مشكلة فلسطين، ردد الأمريكان كما الآن وإسرائيل كما الآن والحكام العرب كما الآن أن المشكلة «عرفات» تمامًا كما يقولون الآن إن حماس المشكلة، سمموا «عرفات» وجاء واحد من الذين كانت إسرائيل ترضي عن سياسته وتمتدح فيه وتصفه بأنه بتاع سلام لكن سبحان الله محصلش السلام.. ما مات «عرفات»، فين بقي المشكلة، ما جه عباس يا ناس،فين بقي الحل؟!

أنا أكرر أسفي.. إنني أذكركم بما لا يحب أحد أن يتذكره الآن، فالوطنية هذا الأسبوع هي القدرة علي شتيمة حماس في سباق مين يشتم أحسن وأشتم من شتيمة صاحبه، أحدِّثكم في الفاصل الإعلاني بين برامج مسابقات الوطنية وأقول لكم أنا بسرعة قبل ما الفاصل يخلص وترجع للبرنامج إن إسرائيل قتلت وضربت بالصواريخ وهدمت بالقذائف واغتالت بالمدافع، بل توغلت ودمرت بالدبابات والمدرعات غزة قبل أن يكون فيها نفوذ من أي نوع لحماس في حكومة فلسطينية ولا حتي في مجلس تشريعي!

أنا آسف.. إنني أذكركم بأن إسرائيل تحارب فلسطين ولا تحارب حماس! وأنا خجلان من نفسي أنني أخبركم بمفاجأة غير سارة للبعض منَّا هي أن إسرائيل رفضت مبادرة السلام العربية التي تقدم بها جميع الزعماء العرب (بمن فيهم أشاوس سوريا) من سنوات ورمت بها إسرائيل في صندوق قمامة رئيس الوزراء الإسرائيلي (الذي للمفارقة يتغير اسمه كل كام سنة دون أن تتغير سياسة إسرائيل).

وبالمناسبة وطالما نحن مازلنا في محفل الذكريات فقبل أي حديث عن مفاعل إيران النووي وقبل ما يطلع لنا في المقدر حكاية حلف إيران سوريا... إلخ الذي يقول عنه مسئولونا إنه سبب مجزرة غزة تعالي أفكرك بتصريحات رئيس وزراء مصر «عاطف عبيد» والتي صرح بها لجريدتي «الاتحاد والوطن» (في الإمارات وقطر وأنا أنقل عن النص المنشور في الاتحاد يوم 24 أبريل 2002)، أي منذ ست سنوات وثمانية أشهر تقريبًا وقبل صعود حماس للحكم وقبل أي ظهور لإيران وغيرها في المشهد الفلسطيني، جاءت تصريحات عبيد ردًا علي سؤال هذا نصه: (لا يمكن لأي منصف أن يتجاهل التضحيات التي قدمها الشعب المصري، ولكن ما يجري الآن علي الساحة الفلسطينية يطالب مصر باعتبارها أكبر دولة عربية بأن تتحرك).

لاحظ سؤال قديم أهه لا إيراني ولا أذربيجاني، بل عادي وقديم فرد عليه د. عبيد بالنص:

ــ إذا أردت أن تتحرك وأن تكون جاهزًا لمواجهة التحديات لابد أن تكون لديك مائة مليار دولار.

بلع الصحفي الزلط الذي قاله الدكتور «عبيد» وكرر.. (ولكن معالي الرئيس الرأي العام العربي يطالب مصر باعتبارها أقوي دولة عربية بأن تقوم علي الأقل ليس برد فعل عسكري إنما بطرد السفير الإسرائيلي فلماذا لا تطردونه؟ هل اتفاقيات السلام تمنعكم من ذلك)؟

رد - فتح الله عليه - قائلاً:

ــ قلت لك عايزين مائة مليار دولار، اجعل العالم العربي يضع مائة مليار دولار من الأموال العربية الموجودة في العالم، ويقولون هذه موازنة مواجهة.. تفضلي يا مصر يا زعيمة هذه الموازنة تحت أمرك تفضلي ابتدئي المواجهة!

فيرد عليه الصحفي- ربما لإتمام الصفقة:

(يعني لو توافر هذا المبلغ هل ستحاربون إسرائيل؟).

فيجيب دكتور عبيد:

ــ مائة مليار تبدأ حساباتك تتغير.

ليس مهمًا هنا حرق دمك بإجابة رئيس وزراء مصر السابق، لكن الأهم أن كل هذا يا أخي كان بيحصل ولم تكن حماس موجودة في الحكم، ومع ذلك فإسرائيل تضرب وتعتدي وتذبح.. والوطن العربي يطالب مصر بأن تفعل شيئًا باعتبارها الدولة الأقوي ولا أحد يطالبها بحرب ولا يحزنون، هذا منذ ست سنوات وثمانية أشهر ومع ذلك يتهمون الآن حماس بأنها سبب مذابح إسرائيل..يا مثبت العقل والدين!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق