العدوان علي غزة ومساواة الجلاد بالضحية


العدوان علي غزة ومساواة الجلاد بالضحية
د. أحمد ثابت

يندرج العدوان الإسرائيلي البربري علي غزة في إطار حرب الإبادة للشعب وللقضية الفلسطينية التي تعد ركنا ركينا في العقيدة الأيديولوجية الصهيونية منذ وافقت الحركة الصهيونية الصاعدة في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر علي الفكرة الاستعمارية البريطانية بضرورة زرع جسم غريب في قلب الوطن العربي يكون حائلا مستمرا ضد أي نهضة عربية.
وقادة إسرائيل العسكريون والعرب لم يخفوا أبدا أن استراتيجية تل أبيب المركزية تجاه الشعب والقضية الفلسطينية وبالذات بعد عدوانها علي العرب في يونيو1967 تقوم علي الإبادة المنظمة للشعب أو البشر والأرض والحجر والماء والزرع، وتقطيع أوصال الضفة الفلسطينية وغزة وضم القدس نهائيا إلي إسرائيل أو الخط الأخضر.

ثم يأتي هدف إيصال الشعب الفلسطيني إلي حالة من استحالة الاستمرار في الحياة في الضفة وغزة أيضا وتخييرهم بين التهجير الطوعي أو مواجهة الموت البطيء عبر أدوات ممعنة في القتل بدم بارد ونزف الدم الفسطيني والنار والعنف مما لم تستخدمه من قبل حتي آلة الحرب النازية ضد الجماعات والشعوب الأخري مثل جماعات اليهود والغجر والسلاف وحتي العجزة والمسنين الألمان أنفسهم.

والاستراتيجية الصهيونية هذه لم تختف من البرامج السياسية الأحزاب الصهيونية علمانية كانت أو دينية أصولية ولا في برامجهم الانتخابية، وجاء خياؤ مثل هذا بعد أن فشلت إسرائيل في القيام بتهجير قسري أو سياسة الترانسفير إلي البلدان العربية المجاورة.

من هنا لو كان لدي من يساوون اليوم بمصالحهم الخاصة ومصالح البقاء في السلطة والتمسك بالتحالف السري والعلني مع تل أبيب وواشنطن لحساب استمرار تحالف السلطة والثروة أدني إحساس بالجوانب الإنسانية والأخلاقية للمجزرة الإسرائيلية من جرائم الحرب علي الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري أدني درجة من الوعي والشعور المسئول لفهم هؤلاء أن إسرائيل لم تكن أبدا لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل تشن عدوانها علي الدول العربية أو المقاومة اللبنانية والفلسطينية التزاما بالمبرر الزائف الذي تروجه أو الهدف الضيق الذي تحاول حصر العدوان فيه والذي تطلق عليه أنه دفاع مشروع عن النفس وتوفير الحماية للمواطنين الإسرائيليين من صورايخ المقاومة في غزة أو من صواريخ المقاومة في لبنان وعلي رأسها حزب الله.

فإسرائيل العدوان لديها هو فرصة ذهبية متكاملة لشطب القضية الفلسطينية نهائيا وللأبد، فهي قامت بالفعل بتقطيع أوصال الضفة الغربية الفلسطينية وحولت المدن والشعب إلي بانتوستانات أو معازل غير قادرة علي التواصل الإنساني والأرضي والإنتاجي مع بعضها البعض والاحتلال شبه التام والسيطرة شبه الكاملة علي الضفة الغربية عبر شبكات عنكبوتية من المستوطنات الصهيونية التي تتحكم - وهو الأهم - في التلال والمرتفعات التي تراقب مختلف مناطق الضفة. ومن ثم تأتي فرصة العدوان علي غزة لشطب القضية نهائيا وتحويل المسألة إلي مفاوضات لمجرد المفاوضات واستعراضات دبلوماسية إعلامية يشارك فيها المتواطئون ومنهم من تنتهك سيادته الوطنية وتخترق حدوده بمدافع الدبابات والمدرعات الصهيونية والدبابات الصهيونية وقذائف الطائرات الحربية الصهيونية، بل ويصمت مع انتهاك الأمن الوطني لبلده ولا تهتز كرامته ويزعم ألا وجود لالتزام منه بفتح المعابر ورفع الحصار والضغط علي إسرائيل واتخاذ إجراءات عقابية ضدها حفظا حتي لكرامه جيشه وشعبه.

وبماذا نفسر الضرب المستمر علي المستشفيات والمساجد وسيارات الإسعاف وعلي الجرحي ومنع هذه السيارات من إنقاذهم وتركهم للنزف المستمر والموت؟. وبماذا نفسر أن يكون نصف أعداد الشهداء علي الأقل وحسب تقديرات محايدة مثل الأونروا والأمم المتحدة من المدنيين العزل أكثر من نصفهم من النساء والأطفال؟.

هل تذكر من يجرون ويهرولون الآن خلف هم مبتذل هو وقف إطلاق للنار ليس له معني وبشرط مخز هو أولا وقف صورايخ حماس أولا ثم تنظر تل أبيب كصاحب الإرداة وقوة الغطرسة في مدي التزام المقاومة كلها وليست حماس بوقف الصورايخ، ثم منع فصائل المقاومة كلها من حق المقاومة وللأبد.

وهكذا وكما قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إحدي أهم فصائل المقاومة وفصيلها المقاوم وهو سرايا المقاومة الوطنية، في بيانها الصادر يوم الخميس 8 يناير 2009 وبعد أكثر من 12 يوما علي عدوان إسرائيل الوحشي الهمجي علي غزة: في «الغرف المغلقة» يدور البحث في العواصم الدولية والعربية عن «وقف إطلاق النار في قطاع غزة». تعمل الإدارة الأمريكية و«إسرائيل» علي «تعطيل» وقف إطلاق نار شامل متزامن متبادل يشمل قطاع غزة والضفة و«إسرائيل»، وحصر وقف إطلاق النار يقوم علي «الهدوء مقابل الهدوء» ومناطق عازلة في شمال وجنوب قطاع غزة بآليات دولية، وترك القدس والضفة الفلسطينية حيث الأطماع التوسعية الصهيونية فريسة لتكثيف تهويد القدس واستعمار المستوطنات تمهيداً لفرض حدود الأمر الواقع الجديدة «لإسرائيل» توسعية، بدلاً عن الرحيل إلي حدود 4 يونيو 1967.

وتضيف الجبهة الديمقراطية ومن مواقع المقاومة علي الأرض وفي الميدان بقطاع غزة تدعو إلي:

أولاً: لا فصيل أحادي يحتكر السلطة في الضفة أو قطاع غزة يقرر مصير الوطن والشعب الصامد، ويقرر مصير «التهدئة» والمقاومة.

ثانيا: إن جميع فصائل المقاومة التي تقاتل علي الأرض وفي الميدان هي المسئولة عن تقرير مصير الشعب والوطن، وتقرير مصير «التهدئة» في قطاع غزة والضفة.

ثالثا: ندعو العواصم الدولية والعربية إلي معادلة جديدة وبديلة «تهدئة شاملة متزامنة متبادلة» تشمل قطاع غزة والضفة الفلسطينية، ونرفض معادلة «التهدئة مقابل التهدئة في قطاع غزة وإسرائيل»، فقد انهارت معادلة «الهدوء مقابل الهدوء».

رابعاً: ندعو إلي قوات دولية في الضفة وقطاع غزة تشرف علي تطبيق «التهدئة الشاملة المتزامنة والمتبادلة».

خامساً: ندعو كل الفصائل الفلسطينية إلي جبهة مقاومة متحدة وغرفة عمليات مشتركة في قطاع غزة، وإلي جبهة وطنية سياسية عريضة تشمل الجميع بلا استثناء لإدارة معركة المقاومة والقرار السياسي.

سادساً: «المبادرة لإعلان سياسي مشترك بين جميع فصائل المقاومة لإنهاء الانقسام وعودة وحدة الوطن والشعب والقرارات السياسية والعسكرية».

سابعاً: ترحيل قضايا الخلاف إلي ما بعد ردع ووقف العدوان، والوصول «لتهدئة بديلة جديدة شاملة لقطاع غزة والضفة».

0 التعليقات:

إرسال تعليق